تمهيد
إن التسيير الجيد والعقلاني للمؤسسات يتوقف بالدرجة الأولى على التحكم في استعمال مواردها بكيفية رشيدة.و ذلك بالاعتماد على كفاءة مسيري المؤسسات في استخدام الأدوات اللازمة استخداما ناجعا.
إحدى تلك الأدوات هي المحاسبة التحليلية التي كان التطور الاقتصادي سببا رئيسيا في بروزها خصوصا بعد فشل المحاسبة العامة في توفير المعلومات الكافية لتحليل النشاط.
ويعتبر نجاح المحاسبة التحليلية في ضبط ورقابة عناصر التكاليف أمر جوهري لحماية المؤسسة من الخسائر التي قد تتعرض لها بسبب الاستخدام غير الرشيد لمواردها.
ومن بين أهم الأدوار التي يقوم بهانظام المحاسبة التحليلية هو مراقبة التسيير ، هذا النظام الذي عرف تطورا كبيرا و أصبح يحتل مكانة هامة داخل المؤسسات الاقتصادية حيث سمح لها بالتحكم في مواردها المالية وبالتالي تحقيق أهدافها بفعالية وكفاءة وتبيان موقعها وصورتها الحقيقية في سوق المنافسة.
أولا: نشأة المحاسبة التحليلي.
ظهرت المحاسبة عامة كوسيلة لترتيب وتنظيم المعلومات المالية والاقتصادية والقانونية المؤثرة على الذمة المالية للفرد أو المؤسسة، و قد اتخذت عدة أنظمة منذ القديم (منذ عهد بابل). إذا كانت تعتمد أساسا على القيد الوحيد في المحاسبة العامة ،و تطورت هذه الأخيرة إلى أن ظهر القيد المزدوج في أواخر القرن الخامس عشر و بالتحديد سنة 1494 على يد الايطالي ليك باسيولي *،في كتابه summa de arithmetica الذي نشر في سنة 1794في البندقية بايطاليا و من أسباب ظهور هدا التطور في المحاسبة بايطاليا بالذات هو الازدهار الاقتصادي و التجاري الذي كانت تعيشه آنذاك وكانت المحاسبة بعد هذا التاريخ تتعقب التطور الحاصل في أوروبا خاصة مع ظهور الثورة الصناعية في انجلترا .وعموما فان ازدهار الإنتاج الصناعي و ازدياد حدة المنافسة و ظهور شركات جديدة أدى إلى ضرورة تطوير و إحداث أساليب محاسبة جديدة من بينها المحاسبة التحليلية أو ما كان يصطلح عليه آنذاك بمحاسبة التكاليف أو المحاسبة الصناعية² .و أول من فصل محاسبة المصانع عن المحاسبة العامة هو جانج عام 1786 .حيث قال بان وظيفة محاسبة المصانع هي "تحديد تكلفة المنتج بالنسبة للمصنع ،وتحديد كم يجب أن يكون سعر البيع عندما يرغب المصنع في تحقيق منفعة من عمله"وقد بقي الاهتمام بالتكاليف في النصف الأول من القرن 19 م ينصب في خدمة سياسات التسعير حيث ظهر كتاب بالفسكي عام 1877 باسم (الحساب لمصانع الآلات) ، وضح فيه علاقة سلوك التكاليف بتغير مستويات التشغيل وكان هذا الكتاب أهم عرض عملي متكامل لأسلوب حساب التكاليف ، كما ظهر لأول مرة عام 1899 التفكير التكاليفي الحدي لدى العالم الألماني شمالنباخ الذي قسم التكاليف إلى ثابتة ومتغيرة أوضح فيه أهمية استبعاد التكاليف الثابتة عند وضع الأسعار هذه المرحلة اتصفت بالتركيز على معالجة وتطوير الأساليب الحسابية لمشكلات تكاليفية متفرقة.
وقد ازدادت أهمية هذه المحاسبة مع تطور نشاط المؤسسات وقد أصبحت ذات مفهوم وتطبيق واسع بعد الحرب العالمية الثانية وأدخلت فيها أساليب جديدة للتحليل بعد أن كانت تستعمل أسلوب التكاليف وسعر التكلفة الحقيقي أو التاريخي فقط.
ثانيا: مفهوم المحاسبة التحليلية
لقد تعددت تعاريف نظام المحاسبة التحليلية ونذكر من بينها:
1 – هي تقنية معالجة المعلومات المتحصل عليها من المحاسبة العامة (بالإضافة إلى مصادر أخرى) وتحليلها من أجل الوصول إلى نتائج يتخذ على ضوئها مسيروا المؤسسة القرارات المتعلقة بنشاطها ، وتسمح بدراسة ومراقبة المر دودية وتحديد فعالية تنظيم المؤسسة كما أنها تسمح بمراقبة المسؤوليات سواء على مستوى التنفيذ أو الإدارة.
2 – هي تجميع وتخصيص وتحليل تكلفة الإنتاج أو النشاط لتوفير المعلومات اللازمة في إعداد التقارير الخارجية، وللتخطيط والرقابة للأعمال الجارية ولاتخاذ القرارات الخاصة. ومن خلال هذا التعريف نلاحظ بأن محاسبة التكاليف تهتم بتوفير المعلومات المالية ،فتقدم بيانات تكلفة المنتوج اللازمة لتقييم المخزون في قائمة المركز المالي أي الميزانية ، لتحديد الربح في قائمة الدخل (جدول حسابات النتائج) بيانات تكلفة المنتجات المباعة. كما أنها توفر بيانات التكاليف اللازمة لإعداد الموازنات ورقابة العمليات واتخاذ القرارات مثل قرار التسعير
من خلال هذه التعاريف السابقة نستنتج أن المحاسبة التحليلية هي عبارة عن مجموعة من عمليات تسجيل وتبويب و معالجة البيانات المحاسبية للنشاطات الاقتصادية والاجتماعية من
أجل تحديد التكاليف والنتائج و كذلك توفر كل الوسائل اللازمة لحساب بعض المؤشرات التسييرية التي تسمح بمتابعة مستوى التطور والدقة في التسيير.
فمن خلال تحليل الأعباء والمنتوجات يمكن للمحاسبة التحليلية تسهيل مراقبة التسيير ،وبالتالي تحديد المسؤولية والجودة.
أهداف المحاسبة التحليلية
يهدف هذا النظام إلى تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها:
1–حساب التكاليف وسعر التكلفة:
تقوم بقياس التكاليف الفعلية لكل عنصر من عناصر الإنتاج بغرض تحديد التكلفة الإجمالية أو الحدية لوحدات النشاط وكذا:
* تحديد نتائج الأعمال لوحدات النشاط الرئيسية والفرعية.
* تقييم المخزون السلعي من المنتجات الجاهزة أو التي هي قيد التنفيذ.
* تساعد على تحديد قيمة المخزون باستعمال الجرد الدائم.
* تساهم في تحديد سعر البيع ومراقبة التكاليف بعد تحليلها.
2 –ضبط ورقابة عناصر التكاليف
تهدف إلى خفض تكلفة الإنتاج مع الحفاظ على جودة المنتج لنجاح تسويقه .
3 – الرقابة على تكلفة النشاطات الخدمية
تعتبر التكاليف التي تتحقق في أقسام الإدارة المساعدة بمثابة تكاليف لتقديم هذه الخدمات بحيث يتم تحميلها بصورة أو بأخرى على المنتج ،لذلك من الضروري ربط تكاليف هذه الأقسام بالخدمات التي تقدمها ،ومتابعة ومراقبة هذه التكاليف ومقارنتها مع سعرالسوق فيما لو لجأت المؤسسة إلى الحصول عليها من السوق.
4- المساعدة في تحليل الانحرافات
تكيف في اتخاذ الإجراءات والطرق والوسائل التي تكفل إمكانية تحليل كل من البيانات المعبرة عن الخطط والبيانات المتمثلة للتنفيذ الفعلي والمقارنة بينهما.
تحديد الانحرافات الناتجة مسندة إلى أسباب معينة وتحديد المسؤولية عنها واتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة.
5- دراسة المردودية
تسمح بمراقبة سياسة الإنتاج والاستثمار والتوزيع وذلك بتسجيل المصاريف حسب اتجاهها ومراقبة تكاليف التموين والإنتاج والتوزيع.
6- مراقبة التسيير
بحيث نعتمد على تحديد مراكز المسؤولية وذلك بالسماح بتحليل الاستغلال وملاحظة تطوراته.
7- اتخاذ القرارات
تقديم الحلول الممكنة والبدائل الملائمة وذلك في المرحلة التي تجري فيها دراسة أهمية التكاليف في اتخاذ القرارات المالية والمستقبلية.
8- إكمال المحاسبة العامة
هذا عن طريق تزويدها بالمعلومات الخاصة بتطورات بعض عناصر الأصول كمخزونات السلع المنتجات والاستثمارات التي تمولها.
9- تقديم وسائل تبرير الأسعار
بالاعتماد على تحليل تكاليف الإنتاج ،وتقديم هذه المبررات عادة لمراقبي الأسعار في حالة الزيادة.
10- قياس تكلفة الإنتاج
يتم قياس التكاليف الفعلية لكل عنصر من عناصر النفاق وذلك بغرض تحديد التكلفة الفعلية الإجمالية أو الحدية أو وحدات هذا النشاط وهذه بدورها تفيد في تحديد نتائج الأعمال (التشغيل،المتاجرة،الأرباح والخسائر) لوحدات النشاط الرئيسية والفرعية ووحدت المنتجات النهائية كما تفيد في أغراض تقويم المخزون السلعي من المنتجات الجاهزة وتلك التي في طريق الانجاز. وتساعد محاسبة التكاليف في قياس التكلفة الحقيقية وتحديد أقل الأسعار التي تمكن من بيع النشاط في أوقات الكساد والدخول في المناقصات.
11- تحقيق الأهداف الاقتصادية للدولة
إن قياس تكلفة الإنتاج الحقيقية للسلع والمنتجات تمكن الدولة من رسم سياسة سعرية سليمة إذ أن هذه السياسة لها أكبر أثر في توجيه الإنتاج والاستثمار والتجارة الخارجية ويرى كثير من الاقتصاديين أن الدورات التجارية تعود إلى سوء توزيع المواد بين النواحي الإنتاجية المختلفة، والى اختلاف أسعار البيع عن التكاليف بمعدلات متفاوتة بالإضافة إلى ذلك ،فان سياسة التسعير المبنية على الأنظمة الموحدة للتكاليف تمكن الدولة من توزيع الدخول بما يتلاءم مع الكفاية والعدل لتنفيذ وتحقيق آمالنا.
الإثنين أبريل 20, 2020 1:01 pm من طرف mahmoudb69
» الحب تلك الكلمة المكونة من حرفين
الإثنين أبريل 20, 2020 12:56 pm من طرف mahmoudb69
» قواعد البيانات و ربط جدول بيانات بمشروع دلفي
الأربعاء يوليو 27, 2016 4:34 pm من طرف delphi33
» ملف كل دول إكسال التي تحتاجها لكافة الحسابات الخاصة بالأجور بالوظيف العمومي
السبت أبريل 09, 2016 9:33 am من طرف MAZOUZ24
» السنة أولى رياضيات و إعلام آلي النظام الجديد LMD يشمل دروس، تمارين وحلول
الجمعة أكتوبر 30, 2015 10:35 am من طرف طالبة العلم
» أرجو المساعدة
السبت أكتوبر 24, 2015 1:13 pm من طرف LOTFI_CH
» طلب مساعدة
الأحد أكتوبر 18, 2015 4:35 am من طرف omar embarek
» حمل هذه الملفات فأنت بحاجة اليها
السبت يوليو 11, 2015 5:22 am من طرف جيلالي بلقاسم
» دور الاتصالات الإدارية في تعزيز أداء العاملين في المستشفيات الحكومية والخاصة الإردنية في مدينة إربد
الأحد يونيو 07, 2015 12:54 am من طرف الدكتور رامي محمد طبيشات
» مكتبة مذكرات التخرج لطلاب الإقتصاد حمل بلمسة زر وبروابط مباشرة
الأربعاء مايو 27, 2015 5:57 am من طرف didou17
» تقدير نموذج للتنبؤ بالمبيعات باستخدام السلاسل الزمنية - رسالة ﻤـﺎﺠـﺴﺘـﻴـﺭ
الخميس أبريل 02, 2015 10:06 am من طرف ابودعاء
» (¯`·._) ( 13 كتاب لمــادة الجبر باللغتين العربية و الفرنسية + تمارين محلولة
الثلاثاء مارس 31, 2015 7:47 am من طرف nada
» قسم العلوم الاقتصادية التجارية و التسيير
الأربعاء مارس 11, 2015 12:44 pm من طرف koka.8
» مجموعة كبيرة من مذكرات التخرج لتحميلها مجانا
الأربعاء مارس 04, 2015 8:10 am من طرف koka.8
» تثبيت الباك تراك 4
الجمعة يناير 16, 2015 6:22 am من طرف ابراهيم.