أولا : الموضوعات القديمة :
ظلت الموضوعات القديمة تسيطر على الشعر العباسي , و أن التجديد لم يطرأ إلا على المعاني , إذ مضى الشعراء يدعمون الأغراض القديمة بما يلائم من معاني حياتهم العقلية و أذواقهم المتحضر ة . لذلك الشعر العربي في العصر العباسي حافظ على هويته العربية الموروثة , فهو موصول بماضيه , مهما وقع على موضوعاته و أشكاله من تأثيرات الحضارة و الثقافة . [1]
1- المدح :
كان الشاعر الجاهلي و الإسلامي للممدوح صورة مثالية تجلها الجماعة , فإذا كان الممدوح سياسيا أو مؤثر ا في الحياة العامة , عرض الشاعر أعماله و الأحداث التي شارك فيها , مصور ا بطولاته و المعار ك التي خاضها [2]. و قد عمق الشاعر العباسي هذه الصور ة بمعاني جديدة مبتكرة , أخذت بازدياد الحضارة و الركون إلى الترف و اضطرار الشعراء إلى التملق , و لاسيما بعد الاختلاط بالفرس , تقتر ب من المبالغة . يقول منصور النمري في مدح الخليفة هارون الرشيد :
إنّ المكارمَ و المعروفَ أوْدِيَّةٌ أحلّك الله منها حيثُ تجْتَمِعُ
إذا رفعتَ امرءًا فالله رافعُه و منْ وضعْتَ من الأقوامِ متَّضِعُ
من لم يكن يأمنُ اللهُ معتصمًا فليْسَ بالصَّلوات ِ الخمْسِ ينَتْفِعُ
إنْ أخْلفَ الغيْثُ لَمْ تخْلفْ أناملُهُ أوْ ضاقَ أمْرٌ ذَكَرْنَاهُ فيتَّسِعُ [3]
و مضى الشعراء العباسيون يضفون الصور ة المثالية على ممارسة الخلفاء للحكم , و ما ينبغي أن تقوم عليه هذه الممارسة من الأخذ بدستور الشريعة و تقوى الله و العدالة . يقول مروان بن أبي حفصة في مدح المهدي :
أحيّا أميرُ المؤمنين محمد سُنَنَ النَّبيّ حرامَها و حلالَها
ملكٌ تفرَّع نبعةً من هاشمٍ مدّ الإلهُ على الأنام ظلا لَها [4]
و لم يصور الشعراء المثل الأخلاقية و القيم الدينة و الاجتماعية فحسب , و إنما صوروا أيضا الحوادث التي وقعت في عصور الخلفاء , و خاصة الفتن و الثورات الداخلية و حروب الأعداء من الروم , و بذلك قامت قصائد المدح في العصر العباسي مقام الشعر السياسي و الشعر الدعائي . [5]
و كان أهم ما سجلته صحف المديح في العصر العباسي صور الأبطال الذين كانوا يقودون جيوش الأمة ضد أعدائها من الترك و البيزنطيين , فقد أشادت بكل معركة خاضوا غمارها و كل حصن اقتحموه , و لم تترك موقعة و لا بطلا من دون أن تحصه بقصيدة [6].
يقول البحتر ي في مدح يوسف بن محمد الثغر ي , الذي سحق البطارقة الأرمنيين :
هو الملك المر جو للدين و العلا فللّه تقواه و للمجد سائرُهْ
له البأس يُخْشىَ و السماحةُ تُرْنتَجى فلا الغيث ثانيه و لا الليلُ عاشر ُهْ
كَسَرْتَهُمْ كَسْرَ الزجاج حدّةً وَ مَنْ يجبر الوْهى الذي أنْت كاسِرُ ُهْ
حُسامٌ و عزمٌ كالحسام و جحْفَلٌ شِدادٌ قُوَاهُ مُحْصَداتٌ مرائرهْ [7]
و كانت قصائد المدح في الجاهلية و عصر الإسلامي تتضمن : مقدمات في وصف الطلل و نسيب , و على وصف المطية و الصحراء و ما تزخر به من مناظر و حيوانات , و قد يعرض الشاعر لوصف الصيد , ثم يضمن الأبيات حكما يوسع بها مدارك السامع و يبصره ببعض سنن الحياة .
و قد صار الشعراء العباسيون على الطريقة نفسها , و لكن مع إضافات كثيرة , حتى يلائم بين المدح و بين عصر ه . و كثيرا ما كان شعراء الحواضر يتخذون عناصر الأطلال رمزا لحبهم الدائر , و رحلة الصحراء رمزا لرحلة الإنسان في الحياة . [8] يقول بشار بن برد في مستهل بائية مدح بها عقبة بن سلم :
يا دارُ بين الفرْع و الجِنَابِ عفا عليها عقبُ الأحْقابِ
قدْ ذهبتْ و العيْشُ للذَّهاب لمّا عرفناها على الخرابِ
ناديْتُ هل أسمعُ مِنْ جَوَابٍ و ما بدار الحيّ من كَرَّاب
إلا مطايا المرجلِ الصحـابِ و ملْعبِ الأحْباب و الأحْبابِ
فانْقلبتْ و الدهْرُ ذو انقلابٍ ما أقربَ العامرَ من خرابِ
لا يكتفي بشار بن برد في الأبيات بتحديد موقع المنزل , و إنما يمزج الحديث عن اندثاره بالحديث عن الدهر و الحياة . فإذا كان المنزل قد بلي فإن الحياة مصيرها إلى الفناء و الزوال , و إذا كان قد تغير فالأيام لا تدوم على حال , بل تتبدل . [9]
تفنن الشعراء العباسيون في وصف رحلة الصحراء , فبين شراستها . يقول في هذا المعنى مسلم بن الوليد :
و مَجْهَلٍ كاطّراد السيف مُحْتَجَزٍ عن الإدلاء مسجور الصياخيدِ*
تمشي الرياحُ به حَسْرَى مولهــةً حَيْرَى تلوذ بأطراف الجلاميدِ
فالرياح , كما يظهر ذلك من البيتين . فإنها من شدة الحرّ تلجأ إلى أطراف الصخور العليا لتهرب من الجحيم المطبق على الصحراء .
و قد تحول الشاعر العباسي في أحيان كثيرة من وصف الصحراء و مسالكها و حيواناتها إلى وصف الحدائق في الحواضر أو وصف بهجة الربيع . يقول البحتري يمدح الهيثم الغنوي , و يصف الربيع , مزينا للممدوح عقد مجلس لهو و شراب :
أتاك الربيعُ الطلقُ يختالُ ضاحكا من الحسن حتى كاد أن يتكلّما
و قد نبه النَوْر ُزُ في غلس الدجى أوائلَ ورْدٍ كنّ بالأمس نـــوَّمــا
يفتّقها بر ْدُ الندى فكأنّــــــــــــــه ينَثُّ حديثا كان قبلُ مكْتما
و قد استبدل بعض الشعراء وصف الناقة و الحلة في الصحراء بوصف السفن و رحلاتها في الأنهار . يقول بشار :
و عذراء لا تجري بلحمٍ و لا دمٍ قليلة شكوى الأينْ مُلْجَمةِ الدبْر ِ
إذا طعنتْ فيها الفلول تشخَّصَتْ بفُرسانها لا في وعوث و لا وعْر·
تُلاعِبُ تــِــيَارَ البُحُورِ و ربّــما رَأَيتَ نفوسَ القوم من جَرْيها تَجْري
و قد دفع المجون الشعراء العباسيين , أحيانا , إلى وصف الخمر في مدائحهم , و قد استهل ذلك بشار , و توسع فيه أبو نواس و أبو العتاهية . اعتنوا كذلك بتضمين الحكمة إلى مدائحهم , و قد استمدوا حكمهم مما ترجم من الحكم الفارسية و الهندية و اليونانية , أو استخلصوها من تأملاتهم الخاصة في الحياة . بقول أبو تمام في فضل المحسود و نقص الحسود :
و إذا أراد اللهُ َشْرَ فضيلةٍ طويتْ أتاح لها لسان حَسُود
لولا اشتعالُ النار ما جاوزتْ ما كان يُعْرَفُ طيبَ عُرْفِ العود[10]
2- الهجاء :
عرف الهجاء تطورا كبيرا . لأنه كان شديد الاتصال بحياة الشعب , و هي حياة لم يعد أساسها , كما كان الشأن في العصر الأموي , العصبيات القبلية . لذلك ضعف فن النقائض في العصر العباسي , غير أن الهجاء لم يضعف بسبب التنافس بين الشعراء .
و قد سادت الهجاء روح جديدة , إذ أن الشعراء لم يتركوا نقيصة خلقية أو نفسية إلا صورها , و كأنهم سعوا إلى تخليص المجتمع من المساوئ الفردية و العيوب الاجتماعية كما أنهم لم يتورعوا , أحيانا , عن هجاء الخلفاء أو الوزراء .[11]
و كان أكثر ما يعتمد الشعراء في الهجاء على معان التحقير و التصغير . يقول حماد عجرد في هجاء بشار بن برد :
و أعْمَى يُــــشْــبِهُ القِــرْدَ إذا ما عَمِيَ القِـرْدُ
دَنِيءٌ لَمْ يَرُحْ يوْمـــــــا إلى مَجْدٍ و لَمْ يَـغْـــدُ
وَ لَمْ يَحْضُرْ مع الُضَّا رِ في خيرٍ و لَمْ يَبْدُ
و لَمْ يُخْشَ لَهُ دَمٌّ و لم يُرجَ لَهُ حَمْدُ
و يقالأ أن بشارا لما سمع الأبيات بكى ,. فقال له قائل أتبكي من هجاء حماد فقال والله ما ابكي من هجاءه ولكن أبكي لأنه يراني ولا أراه فيصفني ولا أصفه [12] .
و قد هجا حماد بشار بن برد من منطلق الحضارة التي سادت العصر , فوصفه بالقذارة و النجاسة , إذ قال :
نهارُه أخبثُ من ليلِه و يومُه أخبث من أمسهِ
و ليس بالمُقْلِع عن غَيِّه حتّى يُوَارَى في ثرى رمسِه
ما خلقَ اللهُ شبيها له من جنّه طُر ّا و من أنســِـه
و الله ما الخنزير ُ في نَثْنه بربعه في النتْن أو خُمْسِه
بل ريحُه أطيبُ من ريحه و مَسُّه أَلْيَنُ من مسِه
و وجْهُه أحسن من وجْهه و نفْسُه أنبلُ من نفسِه
و عوده أكرم من عوده و جنْسه أكرم من جنسٍه[13]
ظلت الموضوعات القديمة تسيطر على الشعر العباسي , و أن التجديد لم يطرأ إلا على المعاني , إذ مضى الشعراء يدعمون الأغراض القديمة بما يلائم من معاني حياتهم العقلية و أذواقهم المتحضر ة . لذلك الشعر العربي في العصر العباسي حافظ على هويته العربية الموروثة , فهو موصول بماضيه , مهما وقع على موضوعاته و أشكاله من تأثيرات الحضارة و الثقافة . [1]
1- المدح :
كان الشاعر الجاهلي و الإسلامي للممدوح صورة مثالية تجلها الجماعة , فإذا كان الممدوح سياسيا أو مؤثر ا في الحياة العامة , عرض الشاعر أعماله و الأحداث التي شارك فيها , مصور ا بطولاته و المعار ك التي خاضها [2]. و قد عمق الشاعر العباسي هذه الصور ة بمعاني جديدة مبتكرة , أخذت بازدياد الحضارة و الركون إلى الترف و اضطرار الشعراء إلى التملق , و لاسيما بعد الاختلاط بالفرس , تقتر ب من المبالغة . يقول منصور النمري في مدح الخليفة هارون الرشيد :
إنّ المكارمَ و المعروفَ أوْدِيَّةٌ أحلّك الله منها حيثُ تجْتَمِعُ
إذا رفعتَ امرءًا فالله رافعُه و منْ وضعْتَ من الأقوامِ متَّضِعُ
من لم يكن يأمنُ اللهُ معتصمًا فليْسَ بالصَّلوات ِ الخمْسِ ينَتْفِعُ
إنْ أخْلفَ الغيْثُ لَمْ تخْلفْ أناملُهُ أوْ ضاقَ أمْرٌ ذَكَرْنَاهُ فيتَّسِعُ [3]
و مضى الشعراء العباسيون يضفون الصور ة المثالية على ممارسة الخلفاء للحكم , و ما ينبغي أن تقوم عليه هذه الممارسة من الأخذ بدستور الشريعة و تقوى الله و العدالة . يقول مروان بن أبي حفصة في مدح المهدي :
أحيّا أميرُ المؤمنين محمد سُنَنَ النَّبيّ حرامَها و حلالَها
ملكٌ تفرَّع نبعةً من هاشمٍ مدّ الإلهُ على الأنام ظلا لَها [4]
و لم يصور الشعراء المثل الأخلاقية و القيم الدينة و الاجتماعية فحسب , و إنما صوروا أيضا الحوادث التي وقعت في عصور الخلفاء , و خاصة الفتن و الثورات الداخلية و حروب الأعداء من الروم , و بذلك قامت قصائد المدح في العصر العباسي مقام الشعر السياسي و الشعر الدعائي . [5]
و كان أهم ما سجلته صحف المديح في العصر العباسي صور الأبطال الذين كانوا يقودون جيوش الأمة ضد أعدائها من الترك و البيزنطيين , فقد أشادت بكل معركة خاضوا غمارها و كل حصن اقتحموه , و لم تترك موقعة و لا بطلا من دون أن تحصه بقصيدة [6].
يقول البحتر ي في مدح يوسف بن محمد الثغر ي , الذي سحق البطارقة الأرمنيين :
هو الملك المر جو للدين و العلا فللّه تقواه و للمجد سائرُهْ
له البأس يُخْشىَ و السماحةُ تُرْنتَجى فلا الغيث ثانيه و لا الليلُ عاشر ُهْ
كَسَرْتَهُمْ كَسْرَ الزجاج حدّةً وَ مَنْ يجبر الوْهى الذي أنْت كاسِرُ ُهْ
حُسامٌ و عزمٌ كالحسام و جحْفَلٌ شِدادٌ قُوَاهُ مُحْصَداتٌ مرائرهْ [7]
و كانت قصائد المدح في الجاهلية و عصر الإسلامي تتضمن : مقدمات في وصف الطلل و نسيب , و على وصف المطية و الصحراء و ما تزخر به من مناظر و حيوانات , و قد يعرض الشاعر لوصف الصيد , ثم يضمن الأبيات حكما يوسع بها مدارك السامع و يبصره ببعض سنن الحياة .
و قد صار الشعراء العباسيون على الطريقة نفسها , و لكن مع إضافات كثيرة , حتى يلائم بين المدح و بين عصر ه . و كثيرا ما كان شعراء الحواضر يتخذون عناصر الأطلال رمزا لحبهم الدائر , و رحلة الصحراء رمزا لرحلة الإنسان في الحياة . [8] يقول بشار بن برد في مستهل بائية مدح بها عقبة بن سلم :
يا دارُ بين الفرْع و الجِنَابِ عفا عليها عقبُ الأحْقابِ
قدْ ذهبتْ و العيْشُ للذَّهاب لمّا عرفناها على الخرابِ
ناديْتُ هل أسمعُ مِنْ جَوَابٍ و ما بدار الحيّ من كَرَّاب
إلا مطايا المرجلِ الصحـابِ و ملْعبِ الأحْباب و الأحْبابِ
فانْقلبتْ و الدهْرُ ذو انقلابٍ ما أقربَ العامرَ من خرابِ
لا يكتفي بشار بن برد في الأبيات بتحديد موقع المنزل , و إنما يمزج الحديث عن اندثاره بالحديث عن الدهر و الحياة . فإذا كان المنزل قد بلي فإن الحياة مصيرها إلى الفناء و الزوال , و إذا كان قد تغير فالأيام لا تدوم على حال , بل تتبدل . [9]
تفنن الشعراء العباسيون في وصف رحلة الصحراء , فبين شراستها . يقول في هذا المعنى مسلم بن الوليد :
و مَجْهَلٍ كاطّراد السيف مُحْتَجَزٍ عن الإدلاء مسجور الصياخيدِ*
تمشي الرياحُ به حَسْرَى مولهــةً حَيْرَى تلوذ بأطراف الجلاميدِ
فالرياح , كما يظهر ذلك من البيتين . فإنها من شدة الحرّ تلجأ إلى أطراف الصخور العليا لتهرب من الجحيم المطبق على الصحراء .
و قد تحول الشاعر العباسي في أحيان كثيرة من وصف الصحراء و مسالكها و حيواناتها إلى وصف الحدائق في الحواضر أو وصف بهجة الربيع . يقول البحتري يمدح الهيثم الغنوي , و يصف الربيع , مزينا للممدوح عقد مجلس لهو و شراب :
أتاك الربيعُ الطلقُ يختالُ ضاحكا من الحسن حتى كاد أن يتكلّما
و قد نبه النَوْر ُزُ في غلس الدجى أوائلَ ورْدٍ كنّ بالأمس نـــوَّمــا
يفتّقها بر ْدُ الندى فكأنّــــــــــــــه ينَثُّ حديثا كان قبلُ مكْتما
و قد استبدل بعض الشعراء وصف الناقة و الحلة في الصحراء بوصف السفن و رحلاتها في الأنهار . يقول بشار :
و عذراء لا تجري بلحمٍ و لا دمٍ قليلة شكوى الأينْ مُلْجَمةِ الدبْر ِ
إذا طعنتْ فيها الفلول تشخَّصَتْ بفُرسانها لا في وعوث و لا وعْر·
تُلاعِبُ تــِــيَارَ البُحُورِ و ربّــما رَأَيتَ نفوسَ القوم من جَرْيها تَجْري
و قد دفع المجون الشعراء العباسيين , أحيانا , إلى وصف الخمر في مدائحهم , و قد استهل ذلك بشار , و توسع فيه أبو نواس و أبو العتاهية . اعتنوا كذلك بتضمين الحكمة إلى مدائحهم , و قد استمدوا حكمهم مما ترجم من الحكم الفارسية و الهندية و اليونانية , أو استخلصوها من تأملاتهم الخاصة في الحياة . بقول أبو تمام في فضل المحسود و نقص الحسود :
و إذا أراد اللهُ َشْرَ فضيلةٍ طويتْ أتاح لها لسان حَسُود
لولا اشتعالُ النار ما جاوزتْ ما كان يُعْرَفُ طيبَ عُرْفِ العود[10]
2- الهجاء :
عرف الهجاء تطورا كبيرا . لأنه كان شديد الاتصال بحياة الشعب , و هي حياة لم يعد أساسها , كما كان الشأن في العصر الأموي , العصبيات القبلية . لذلك ضعف فن النقائض في العصر العباسي , غير أن الهجاء لم يضعف بسبب التنافس بين الشعراء .
و قد سادت الهجاء روح جديدة , إذ أن الشعراء لم يتركوا نقيصة خلقية أو نفسية إلا صورها , و كأنهم سعوا إلى تخليص المجتمع من المساوئ الفردية و العيوب الاجتماعية كما أنهم لم يتورعوا , أحيانا , عن هجاء الخلفاء أو الوزراء .[11]
و كان أكثر ما يعتمد الشعراء في الهجاء على معان التحقير و التصغير . يقول حماد عجرد في هجاء بشار بن برد :
و أعْمَى يُــــشْــبِهُ القِــرْدَ إذا ما عَمِيَ القِـرْدُ
دَنِيءٌ لَمْ يَرُحْ يوْمـــــــا إلى مَجْدٍ و لَمْ يَـغْـــدُ
وَ لَمْ يَحْضُرْ مع الُضَّا رِ في خيرٍ و لَمْ يَبْدُ
و لَمْ يُخْشَ لَهُ دَمٌّ و لم يُرجَ لَهُ حَمْدُ
و يقالأ أن بشارا لما سمع الأبيات بكى ,. فقال له قائل أتبكي من هجاء حماد فقال والله ما ابكي من هجاءه ولكن أبكي لأنه يراني ولا أراه فيصفني ولا أصفه [12] .
و قد هجا حماد بشار بن برد من منطلق الحضارة التي سادت العصر , فوصفه بالقذارة و النجاسة , إذ قال :
نهارُه أخبثُ من ليلِه و يومُه أخبث من أمسهِ
و ليس بالمُقْلِع عن غَيِّه حتّى يُوَارَى في ثرى رمسِه
ما خلقَ اللهُ شبيها له من جنّه طُر ّا و من أنســِـه
و الله ما الخنزير ُ في نَثْنه بربعه في النتْن أو خُمْسِه
بل ريحُه أطيبُ من ريحه و مَسُّه أَلْيَنُ من مسِه
و وجْهُه أحسن من وجْهه و نفْسُه أنبلُ من نفسِه
و عوده أكرم من عوده و جنْسه أكرم من جنسٍه[13]
الإثنين أبريل 20, 2020 1:01 pm من طرف mahmoudb69
» الحب تلك الكلمة المكونة من حرفين
الإثنين أبريل 20, 2020 12:56 pm من طرف mahmoudb69
» قواعد البيانات و ربط جدول بيانات بمشروع دلفي
الأربعاء يوليو 27, 2016 4:34 pm من طرف delphi33
» ملف كل دول إكسال التي تحتاجها لكافة الحسابات الخاصة بالأجور بالوظيف العمومي
السبت أبريل 09, 2016 9:33 am من طرف MAZOUZ24
» السنة أولى رياضيات و إعلام آلي النظام الجديد LMD يشمل دروس، تمارين وحلول
الجمعة أكتوبر 30, 2015 10:35 am من طرف طالبة العلم
» أرجو المساعدة
السبت أكتوبر 24, 2015 1:13 pm من طرف LOTFI_CH
» طلب مساعدة
الأحد أكتوبر 18, 2015 4:35 am من طرف omar embarek
» حمل هذه الملفات فأنت بحاجة اليها
السبت يوليو 11, 2015 5:22 am من طرف جيلالي بلقاسم
» دور الاتصالات الإدارية في تعزيز أداء العاملين في المستشفيات الحكومية والخاصة الإردنية في مدينة إربد
الأحد يونيو 07, 2015 12:54 am من طرف الدكتور رامي محمد طبيشات
» مكتبة مذكرات التخرج لطلاب الإقتصاد حمل بلمسة زر وبروابط مباشرة
الأربعاء مايو 27, 2015 5:57 am من طرف didou17
» تقدير نموذج للتنبؤ بالمبيعات باستخدام السلاسل الزمنية - رسالة ﻤـﺎﺠـﺴﺘـﻴـﺭ
الخميس أبريل 02, 2015 10:06 am من طرف ابودعاء
» (¯`·._) ( 13 كتاب لمــادة الجبر باللغتين العربية و الفرنسية + تمارين محلولة
الثلاثاء مارس 31, 2015 7:47 am من طرف nada
» قسم العلوم الاقتصادية التجارية و التسيير
الأربعاء مارس 11, 2015 12:44 pm من طرف koka.8
» مجموعة كبيرة من مذكرات التخرج لتحميلها مجانا
الأربعاء مارس 04, 2015 8:10 am من طرف koka.8
» تثبيت الباك تراك 4
الجمعة يناير 16, 2015 6:22 am من طرف ابراهيم.